
- التأمين الصحي يستحوذ على أكثر من 60% من سوق التأمين السعودي بحلول 2030
- نموغير مسبوق للتأمين في السعودية.. السوق يتجاوز 129 مليار ريال خلال 6 أعوام
- بوبا العربية: التحول الرقمي يشكل مستقبل التأمين الصحي في المملكة
- بوبا العربية: التأمين الصحي يصل إلى 13.2 مليون مؤمن ويستعد لنمو 2030
الرياض- خاص شركات مباشر: توقّع تقرير متخصص أن يشهد قطاع التأمين السعودي طفرة غير مسبوقة خلال الأعوام المقبلة، مع ارتفاع إجمالي الأقساط المكتتبة من 75.9 مليار ريال في 2024 إلى أكثر من 129 مليار ريال بحلول 2030، مدفوعًا بعدة محركات اقتصادية وتنظيمية، أبرزها التوسع في التأمين الصحي، والذي يستحوذ حاليًا على 55% من السوق، وسط تقديرات بأن تتضاعف أقساطه من 42 مليار ريال إلى 83 مليار ريال.
ويرى التقرير أن هذا النمو يعكس تحولات جوهرية يعيشها القطاع في ظل برامج رؤية المملكة 2030، والإصلاحات التنظيمية، والتوسع في البنية التحتية الصحية، إلى جانب تسارع التحول الرقمي وزيادة أعداد المؤمن عليهم، فضلاً عن تطبيق أنظمة رقابية أكثر صرامة مثل مبادرات الإنفورسمِنت.
تسارع تأميني
ووفقاً لتقرير "مراجعة قطاع التأمين في المملكة 2024" الصادر عن "بوبا العربية للتأمين التعاوني"، فقد تضاعف حجم السوق المحلي بأكثر من ثلاثة مرات خلال العقد الماضي، مرتفعًا من 21.3 مليار ريال في 2012 إلى 75.9 مليار ريال في 2024.
إلا أن التحول الأبرز جاء عقب جائحة كوفيد-19، التي دفعت شركات التأمين إلى تبني منصات رقمية وحلول تنظيمية جديدة مثل "InsurTech Sandbox"، ومنصة "نفيس"، و"المستشفى الافتراضي"، ما مكّن القطاع من تجاوز تداعيات الأزمة، وتحقيق معدل نمو سنوي مركب وصل إلى 22%، وهو ما يثير تساؤلاً أساسياً اليوم: هل سيواصل السوق هذا الزخم أم أن وتيرة النمو ستتراجع؟
محركات نمو
أشار التقرير إلى أن مستقبل القطاع يستند إلى عدة محركات رئيسية، في مقدمتها رؤية المملكة 2030 التي تضخ استثمارات تتجاوز التريليون ريال في الصحة والبنية التحتية والتحول الرقمي، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام قطاع التأمين ويمكنه من تنويع خدماته، كما يبرز الطب الاتصالي كأحد أعمدة هذا التحول، إذ يساهم في توسيع نطاق الرعاية الصحية، وخفض التكاليف، وتحسين تجربة المريض عبر حلول مثل التطبيب عن بُعد، ومعالجة المطالبات آليًا، والبوابات الرقمية المتقدمة.
أما على المستوى التنظيمي، فقد ساهمت التشريعات والرقابة في توسيع مظلة الإلزام لتشمل شرائح جديدة مثل العمالة المنزلية والعاملين ، بما قد يضيف ما يصل إلى 9.4 مليار ريال للأقساط المكتتبة.
إيرادات سياحية
كما يُضاف إلى ذلك البُعد السياحي، الذي يُتوقع أن يُولّد إيرادات تأمينية إضافية تصل إلى 4.5 مليار ريال، مع استهداف المملكة استقبال 150 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2030، بعدما تجاوز عدد الزوار 100 مليون في عام 2023.
وفي السياق ذاته، تُساهم الطفرة العمرانية التي تشهدها الرياض، عبر المشاريع الكبرى مثل "مول السعودية"، و"المكعب الجديد"، ومدينة الملك سلمان للطاقة، في تعزيز الطلب على منتجات وخدمات التأمين، لتتحول العاصمة إلى مركز الثقل الجديد لنمو القطاع.
تحديات طبية
ورغم الصورة الإيجابية، حذّر التقرير من تحديات قد تعيق استدامة النمو في سوق التأمين الصحي، أبرزها التضخم الطبي الذي يفوق المعدلات العالمية نتيجة التوسع في المزايا الصحية والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، ما يرفع كلفة الخدمات ويضغط على قدرة القطاع في ضبط النفقات.
كما نوّه التقرير عن وجود فجوات في الالتزام باللوائح، حيث لا يزال جزء من العاملين في القطاع الخاص وأسرهم خارج مظلة التأمين الصحي، بينما تواجه الشركات الصغيرة صعوبة في مواكبة التحول الرقمي والامتثال التنظيمي، ما قد يعزز من نفوذ الشركات الكبرى على حساب بقية السوق.
تعافي السوق
ومع ذلك، أظهر السوق مرونة ملحوظة رغم الضغوط الناتجة عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورسوم المرافقين خلال 2020–2021، إذ تمكن من التعافي ليصل إلى مستوى تاريخي بلغ 12.1 مليون مؤمَّن عليه في 2023، ثم سجل ارتفاعًا إضافيًا بواقع 1.2 مليون ليصل إلى 13.2 مليون مؤمَّن عليه في 2024، كما أن التوسع في قاعدة التغطية لتشمل العمالة المنزلية والسياح والعاملين ، يمثل فرصة مهمة لدعم نمو السوق وتعزيز شموليته في السنوات المقبلة.
سيناريو مستقبلي
اعتمد التقرير على نماذج إحصائية متقدمة مثل هولت وينترز (التسوية الأسية الثلاثية) لرسم مسارين رئيسيين لمستقبل سوق التأمين الصحي، ووفقًا للسيناريو الأساسي، يُتوقع أن يرتفع عدد المؤمن عليهم إلى نحو 15 مليون شخص بحلول 2030، بإجمالي أقساط صحية تصل إلى 65.2 مليار ريال، في انعكاس لنمو يتماشى مع تطورات القطاع الصحي وتسارع التحول الرقمي في الخدمات الطبية.
أما في سيناريو التشديد الرقابي، الذي يشمل إدخال شرائح جديدة مثل العمالة المنزلية تحت مظلة التأمين الصحي، فمن المرجح أن يقفز إجمالي الأقساط إلى 83 مليار ريال بحلول 2030، بما يعزز الشمول التأميني ويطور منظومة الرعاية الصحية.
نمو مستدام
وتعليقًا على نتائج التقرير، قال نديم شهزاد، مدير أبحاث السوق والعملاء في "بوبا العربية": "يشهد سوق التأمين الصحي السعودي توسعًا كبيرًا مدفوعًا برؤية المملكة 2030 التي أرست قاعدة صلبة للنمو، فالجمع بين التشريعات الصارمة والرقابة الفعّالة يضمن توجيه هذا الزخم إلى نمو مستدام، فيما يفتح التحول الرقمي آفاقًا واسعة لابتكار حلول جديدة تعزز الخدمات المقدمة للعملاء".
وأضاف شهزاد: "البيانات الطبية أصبحت العملة الجديدة لعصر الرعاية الصحية، فهي الأساس لتطوير خدمات أكثر دقة وفاعلية، وتبقى الرعاية القائمة على القيمة السبيل الأمثل لمواجهة تحديات التضخم الطبي والارتقاء بجودة الخدمات، بما يضمن استدامة القطاع وتعظيم أثره في الاقتصاد الوطني".
نضج تأميني
يخلص التقرير إلى أن السنوات المقبلة ستشهد نضجًا متزايدًا في سوق التأمين السعودي، مدفوعًا بالتحولات الرقمية، وتوسيع نطاق الطب الاتصالي، واعتماد نماذج رعاية قائمة على القيمة، إضافة إلى تكامل القطاعين العام والخاص في تطوير البنية الصحية.
ومن خلال منصتها للرعاية المتكاملة، تواصل بوبا العربية إعادة تعريف الرعاية الصحية عبر الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي والبرامج الوقائية، مؤكدة أن مستقبل التأمين لن يُبنى إلا على أساس الابتكار والامتثال ورعاية تتمحور حول الإنسان.